أخبار الموقع

كاتب سوري يشبه “تركيا أردوغان” بـ”سوريا الأسد” و”عراق صدام”

وصف الكاتب السوري رؤوف بكر في مقال له نشرته صحيفة “الحياة” اللندنية “تركيا أردوغان” بـ”سوريا الأسد”، وذكر الصفات والقواسم المشتركة بين كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيسين السوري والعراقي السابقين حافظ الأسد وصدام حسين.
ونقدم لكم المقال الذي حمل عنوان “تركيا أردوغان: الغرابة والخطورة”
تركيا أردوغان: الغرابة والخطورة
تبدو تركيا أردوغان اليوم وكأنها أخطر دولة في الشرق الأوسط، تشبه كثيراً سوريا الأسد وعراق صدام حسين. في الداخل اعتقالات وتسريحات حكومية كيدية بعشرات الآلاف، قوانين تطلق يد العسكر، تضييق شديد على الأصوات المعارضة ووئام ميّت سريرياً مع بقية مكونات المجتمع. وفي الخارج، دور غريب في الجوار وعلاقات تبعية تتنقل بين واشنطن وموسكو وسياسات ابتزازية تجاه أوروبا.
 لقد لعب الأسد وصدام على حبلي المعسكرين الاشتراكي والغربي والتناقضات الإقليمية وتبادلا إقلاق راحة الإقليم بالمؤامرات والاجتياحات ودعم المعارضة المسلحة لخصومهم وصدّرا الإرهابيين أو أوجدوهم. ويظن أردوغان أن بإمكانه خلق نموذج تركي على النسق نفسه: دولة تملك أوراق ضغط مثيرة للمشكلات تلعب دور الإطفائي العاجز الذي يشعل الحرائق ويسارع إلى إخمادها لكي يخلق لنفسه أهمية ووظيفة
وتكشف جردة حساب سريعة للدور التركي في سوريا الكم الهائل من التدمير الممنهج الذي مارسته أنقرة بحق المجتمع الذي يشكل السنّة غالبية أفراده، على عكس ما هو مفترض. وعدا تدخله العسكري المباشر وغير المباشر في غير منطقة، عبر أذرعه السورية، سهّل أردوغان، بل دعم، نمو وانتشار تنظيمي داعش والنصرة اللذين ساهما في ضرب الثورة. لم يحول بلاده معبراً لعناصرهما فحسب، بل حاضنةً لوجستية ومالية على أقل تقدير. كانت خطاباته العاطفية عاملاً مهماً لسنّة حلب وإدلب والساحل لإفراغ مناطقهم والاحتماء بتركيا، بعد أن أغرتهم عبارات من قبيل «الضيوف» ومقارنات «المهاجرين» و «الأنصار»، قبل أن يمارس بحقهم صنوف الضغوطات المعيشية والقانونية الهادفة إلى دفعهم للهجرة إلى أوروبا. كان له ما أراد، فضرب عصفورين بحجر: تحقيق استراتيجيته في المنطقة وزعزعة الاتحاد الأوروبي في آن.
ومن ثم، عمد عبر «سوريي إسطنبول» إلى نشر التسريبات عن إمكانية تجنيس من تبقى منهم. وبينما كان يفرض تأشيرة دخول وأخرى للخروج على كل سوري، والحصول عليهما أقرب إلى المستحيل، ضمِن أن يوازن نسبة الأعداد الموجودة في بلاده وكأنه يحمل مكيالاً يزن به بضاعة في سوق. ومؤخراً، أضاف العراقيين إلى لائحة من يرغب بتجنيسهم على أن يكونوا، كما السوريون، من أصحاب «الكفاءات»، بعد أن عمد أيضاً إلى التدخل العسكري المباشر في العراق قبل أن يتراجع كما تراجع في سوريا، مساهماً في تعقيد أوضاع العراقيين الذين ادعى دفاعه عنهم، وتخريب حلب التي كانت رمزاً للامبراطورية العثمانية. وإذ يصعب ابتلاع فكرة أن أردوغان بصدد تجنيس علويين أو شيعة أو أكراد حتى لو امتلكوا كفاءة ستيفن هوكينغ، فإن هذه البادرة تجاه السوريين والعراقيين بصفتهم «أبناء هذه الأمة» تأتي مع إطلاقه تحذيراً تجاه أبناء وطنه المعارضين في الخارج، على اختلاف مشاربهم، بسحب الجنسية منهم في حال عدم عودتهم خلال ثلاثة أشهر، وفي ظل حملة تشنيع مكارثيّة تركز على الإعلاميين والأكاديميين والأدباء المناوئين، بما يطابق المثليْن العراقي والسوري. وهنا، يتشابه الرئيس التركي ونظام آل الأسد الذي رسم خلال ستة أعوام، بهندسةٍ سكانية خبيثة، المجتمع السوري الذي يفضّل، واشتُهر بحجبه حتى جوازات السفر عن المعارضين في الخارج. وهنا أيضاً، يعمّد أردوغان دمه بدم البعث التكريتي الذي جفف منابع المعارضة الشيعية العلمانية وكان يحدد بجرة قلم من هو العراقي ومن يستحق العيش في العراق وأين. وإذا كانت بقية القصة معروفة في العراق وسوريا، في ما نراه اليوم من فواجع سياسية واجتماعية، فإن صفحاتها في تركيا لا تزال تنضح بتفاصيل قد تكون مشابهة إلى حدٍ بعيد.
وبعد، هل هي مصادفة أن يسعى أردوغان إلى الحكم 27 عاماً (2002-2029) عبر تعديل نظام الحكم ليتمحور حول شخصه، ليختار موقعاً وسطاً بين صدام (24 عاماً) وحافظ الأسد (30 عاماً)؟ وتالياً، هل سيحوز، والحال كذلك، على لقب «أبو بُراق» من قبل مريديه في الداخل والخارج، كما «أبو عدي» و «أبو باسل»؟ يقيناً، حينما يصبح جل طموح رئيس دولة بحجم تركيا العبث بمجتمعه وتحطيم المنطقة وأن يستنسخ نظامي صدام وآل الأسد، فهذا أمر يدعو للخوف مما يخبئه، إذ يبدو أنه ما زال في جعبته الكثير.

ليست هناك تعليقات