أخبار الموقع

هل يضغط ترامب على أردوغان للإفراج عن القائد أوجلان؟

تواصل الأزمة الكردية تصدرها بامتياز لواجهة السياسة التركية داخليا وخارجيا وترتبط بتوازنات علاقاتها مع القوتين العظميين ، الولايات المتحدة وروسيا، ولكل منهما منظور بشأن حل المشكلة الكردية التي يبرز فيها زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان كمحور أو مفتاح للحل.
الأهرام العربي” ناقشت في تحقيق للصحفي محسن عوض الله  تحت عنوان: “مع التقارب التركى – الأمريكى .. هل تضغط واشنطن على أنقرة لإطلاق سراح أوجلان؟” أبعاد التغير في علاقات أنقرة مع كل من روسيا والولايات المتحدة بعد أوباما وتأثيرها على القضية الكردية نعرضه فيما يلي:
وكأنها مصادفة متعمدة أن تتزامن الذكرى الـ 18 لاعتقال تركيا للقيادى الكردى عبد الله أوجلان مع بوادر عودة الدفء فى العلاقات التركية – الأمريكية.
تقارب تركى – أمريكى يبعد أنقرة رويدا رويدا عن أحضان الدب الروسى، بدأها ترامب بمكالمة تليفونية طويلة مع الرئيس التركى أردوغان ثم تبعها المدير الجديد للمخابرات الأمريكية بزيارة لأنقرة .
تقارب تركى أمريكى بالتزامن مع استفتاء على تعديل دستورى تنتظره تركيا أبريل المقبل يعزز سلطات الرئيس أردوغان ويجمع كل السطات التنفيذية فى يديه بصورة تجعله متحكما أولا وأخيرا فى القرار التركى.
ويأتى التقارب بين واشنطن وأنقرة فى ظل علاقات متميزة تجمع الأكراد بأمريكا، حيث يعتبر أكراد سوريا الحلفاء الرئيسين لواشنطن فى المنطقة، كما أمدتهم إدارة الرئيس ترامب أخيرا بأسلحة نوعية .
بحسب خبراء فإن بوسع واشنطن أن تلعب دورا فى حل الخلافات التركية الكردية باعتبارها حليفة للطرفين، حيث يمكن لواشنطن أن تضغط على أردوغان للإفراج عن عبد الله أوجلان الزعيم التاريخى لحزب العمال الكردستانى، مقابل أن يتخلى الأكراد عن حمل السلاح فى مواجهة الدولة التركية ويُفعل أوجلان مبادرته للسلام مع أنقرة التى أعلنها خلال فترة حبسه.
ويرى خبراء وقيادات كردية أن أوجلان رمز تاريخى يتمتع بكاريزما تصل لدرجة القداسة عند قطاع كبير من الأكراد ما يمكنه من لعب دور مؤثر فى إنهاء الصراع التركى – الكردى، لكن آخرين يرون أن زعامة أوجلان رمزية، وأن فترة اعتقاله التى تعدت 18 عاما صنعت زعامات جديدة لدى الأكراد خرجت تلك الزعامات من عباءة الزعيم المؤسس، وأصبحت لها رؤيتها المستقلة بصورة تجعل خروج أوجلان وإطلاق سراحه غير ذى تأثير كبير فى المشهد الكردى.
ويبقى السؤال.. ماذا لو أطلق سراح أوجلان.. هل ينجح فى جمع كلمة الأكراد وتقويم اعوجاج سياستهم .. هل ينجح فى إنهاء القتال بين تركيا والعمال الكردستانى، هل يمكن لواشنطن أن تمارس ضغوطها على أنقرة لإطلاق أوجلان، وهل تقبل تركيا بالضغوط الأمريكية، وما المقابل الذى يمكن أن يطلبه السلطان أردوغان مقابل إطلاق سراح الزعيم الكردي.. «الأهرام العربي» طرحت هذه الأسئلة على مجموعة من المفكرين الأكراد والعرب، فكانت هذه إجاباتهم .
مفاوضات مستمرة لإطلاقه.
د. رجائى فايد، رئيس المركز المصرى للدراسات الكردية، كشف أن العام الماضى كانت هناك مفاوضات بالفعل لخروج أوجلان من محبسه على أن يخضع لتحديد الإقامة، وتم بالفعل تحديد مكان إقامته والشخصيات المسموح لهم  بزيارته، ولكن فشل الإتفاق فى اللحظات الأخيرة.
ويرى أن عبد الله أوجلان يمتلك كاريزما خطيرة بصورة تجعل معظم الفصائل الكردية بسوريا والعراق وإيران تنظر له بنوع من القداسة ما يجعل من عملية إطلاق سراحه أمرا بالغ التأثير فى الساحة الكردية.
واعتبر فايد فى تصريحات لـ «الأهرام العربي» أن أوجلان قادر على صناعة سلام وعمل مصالحة بين حزب العمال الكردستانى والنظام التركى، كما سيسهم فى حل الخلاف بين أكراد سوريا وأنقرة ما سيؤدى لانفراجة كبيرة بالأزمة السورية .
وأكد الخبير بالشئون الكردية أن التقارب الذى بدأ أخيرا بين تركيا وأمريكا التى ترتبط أيضا بعلاقات وثيقة مع القوى الكردية ربما يفتح الباب لاحتمالية وجود ضغوط أمريكية قد تستجيب لها تركيا بإطلاق سراح أوجلان وحل الخلافات التركية الكردية .
المفكر الكردى بير رستم  يرى أن أمريكا قادرة أن تجعل تركيا تطلق سراح «أوجلان»، لكن ذلك سوف يتطلب تقديم الكثير من الامتيازات للحكومة التركية التى تطمع بـ (لواء الموصل) وقضم «الشمال السوري»، وهى المنطقة الإستراتيجية بالنسبة للأمريكان، حيث تعنى جعل تركيا سيدة مطلقة اليد فى منطقة الشرق الأوسط .. وبالتالى المزيد من الصراع مع دول المنطقة وعلى الأخص إيران.
وأوضح لـ«الأهرام العربي» أن إطلاق يد الأتراك سوف يزيد من مطامعهم وشروطهم على الغرب عموماً وعلى الأخص الروس والأمريكان فى لعبة التوازنات الإقليمية، وهذا  ليس فى صالح موسكو أو واشنطن .. مشيرا إلى أن «أوجلان» يدفع ضريبة المصالح الإقليمية والدولية، وهو الذى كان بالأساس ضحية وقرباناً لتلك المصالح والتوازنات السياسية الإستراتيجية.
أما بخصوص قدرة أوجلان على حل الخلافات الكردية الكردية فأكد المفكر الكردى أن «أوجلان» زعيماً لتيار سياسى وليس زعيماً لكل الكورد، والانقسامات داخل الحركة الوطنية الكردية عميقة ولن يجمعهم زعيم سياسى يقود طرفاً هو بالأساس فى نزاع مع الأطراف والتيارات الأخرى، كما أن فترة اعتقال أوجلان أفرزت عددا من القيادات والرموز داخل منظومة العمال الكردستانى وبالتالى، وعلى الرغم من رمزية القائد، فإن القادة الجدد لم يعودوا تحت الوصاية حيث هم أيضاً باتوا لهم كلمتهم ودورهم الفاعل وتأثيرهم على مركز القرار للعمال الكردستانى، خصوصا فى إطار الصراع المذهبى الطائفى والإقليمى بالمنطقة وعلاقات الأطراف الكوردية بتلك المحاور الإقليمية.
أوجلان مات
واتفق معه فى الرأى مهند الكاطع، الباحث السورى المتخصص فى الحركات الكردية، مشيرا إلى أن أوجلان جمهوره من حزب العمال الكردستانى فقط، ولا يمكن اعتباره زعيما يستطيع تحريك الأكراد أو أنهم ينتظرون منه إشارة للتنفيذ.
وأوضح لـ»الأهرام العربي» أن أوجلان مجرد هيكل يشحذ الزعماء الجدد جميع الاطفال بأسمه، وليس بمقدوره إيقاف شيء فى حال خروجه من السجن.
ويرى الباحث أن تركيا التى تعتبر مسألة أمنها القومى خط أحمر، وحاكمت أوجلان الذى اعترف باقتراف حزبه جرائم أدت لمقتل 30 ألف مواطن تركى بينهم أكراد، ولن تسمح لأى دولة حتى لو كانت أمريكا بممارسة ضغوط عليها لإطلاق سراح أوجلان .
وختم الكاطع حديثه بقوله إن أوجلان مات منذ انهياره فى قاعة المحكمة، ولن يغير خروجه شيئا فى اى معادلة، إذا افترضنا أن إمكانية خروجه متاحة.
استقلالية القرار الكردي
ويرى خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط أن إطلاق سراح أوجلان فى القريب أمر مستبعد، رغم أن سياسة حزب العدالة والتنمية التركى كانت تتجه نحو إطلاق سراحه مقابل تسليم السلاح والدخول فى تسوية شاملة .
وأشار  إلى أن خروج أوجلان حال حدوثه سيغير الكثير وسيعيد نوعا من الاستقلالية للفعل الكردي، وسيدفعه لمزيد من الواقعية فى وسط جغرافى اقليمى صعب ودموى، لافتا النظر فى الوقت نفسه إلى أن الزعامة التاريخية لأوجلان يجب ألا تنسينا أن المجتمع الكردى مجتمع قبائلى وعشائرى، وهذا ما سيصعب من مأمورية أوجلان بخصوص جمع الشتات الكردى الحالى وإبعاد النفوذ الأجنبى عن العائلة الكردية السياسية، كما أن فكرة أوجلان بخصوص بناء الثقة مع الحكومة التركية الخاصة بتسليم السلاح ضربت وتم الالتفاف عليها من طرف زعماء عسكريين كرد أبان المفاوضات السرية التى انطلقت منذ عام 2010 تقريبا، وهذا يعنى أن زعماء الجهاز العسكرى لا يقلون أهمية عن القيادات السياسية التاريخية.
واعتبر الخبير المغربى أن التفاعلات الإقليمية والدولية تتجه لسحب مزيد من استقلالية الفعل الكردى من الأكراد ليس عن طريق تسليحهم وتدريبهم وتمويلهم بل على مستوى القضايا التى يدافع عنه التيار الكردى المختلف حول أولوياته، وهو ما يجعلنا نفهم لماذا انخرط الأكراد فى أولويات الدول الكبرى خاصة أولويات أمريكا وألمانيا وبريطانيا فى المنطقة، مشيرا إلى أن من أخطر الأولويات الدولية المعاكسة لمستقبل الأكراد والتى يدافع عنها الجزء المهم منهم الآن هو إطالة أمد الصراع مع تركيا وجعل هذا الصراع إستراتيجيا.
أوجلان والقضية السورية
وترى إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية أن إطلاق سراح أوجلان سيكون له تأثير كبير على انهاء الحرب مع تركيا وحل الخلافات الكردية الكردية أيضا نظرا لأن أنقرة عنصر رئيسى فى إشعال الخلافات بين الأكراد .
واعتبر أحمد فى تصريحات لـ «الأهرام العربي» أن التقارب الأمريكى – التركى، خصوصا فى ظل الإدارة الجديدة للبيت الأبيض ربما يكون له دور مؤثر فى ممارسة واشنطن ضغوط على أنقرة لإطلاق سراح الزعيم الكردى.
وحول موقف أوجلان من الأزمة السورية أكدت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية أن الزعيم الكردى يرفض وجود دولة كردية، ويدعو للحفاظ على وحدة الدولة السورية، لكن مع ضرورة الاتفاق على شكل معين للدولة يراعى المكونات المختلفة للشعب السورى، لافتة النظر إلى أن أوجلان ينظر للفيدرالية كحل جيد للوضع السورى
أوجلان، اردوغان، ترامب، روسيا، الأكراد، حزب العمال الكردستاني

ليست هناك تعليقات