أخبار الموقع

بعد ألمانيا .. أمريكا تنفي مزاعم أردوغان حول وقوف غولن وراء الانقلاب الفاشل

بعد التقارير الاستخباراتية البريطانية والألمانية وحلف الناتو وإفادات العسكريين الأتراك المتهمين بالانقلاب التي برأت ساحة الداعية فتح الله غولن وحركة الخدمة من تهمة تدبير الانقلاب الفاشل في تركيا، جاءت تصريحات جديدة على نفس المنوال، وهذه المرة من الولايات المتحدة الأمريكية، لتؤكد زيف الرواية الرسمية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن هذه المحاولة الغادرة.
ففي إطار رده على سؤال قناة “فوكس” الأمريكية حول المزاعم التي تسوقها السلطات التركية عن استعداد الولايات المتحدة لإعادة غولن إلى تركيا، أجاب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي ديفين نونيس بقوله: “لا دليل على وقوف فتح الله غولن وراء محاولة الانقلاب في تركيا”.
طرح مقدم البرنامج الذي أذيع على قناة فوكس أمس الأحد سؤالاً على ديفين نونيس من الحزب الجمهوري وهو حليف الرئيس دونالد ترامب مفاده: “هناك تقارير تركية تزعم أن إدارة ترامب تعتزم إعادة فتح الله غولن إلى تركيا”، ورد عليه قائلاً: “ليس هناك أي دليل يشير إلى تدبير فتح الله غولن لمحاولة الانقلاب في تركيا. إدارة الرئيس أردوغان تتجه يومًا بيوم إلى مزيد من الاستبداد والسلطوية، لذلك تعاني العلاقات الثنائية بين البلدين من توتر”.
وجاء رد مثير لعله يتضمن رسالة مبطنة موجهة إلى السلطة الحاكمة في تركيا على سؤال حول مستقبل العلاقات بين إدارتي أردوغان وترامب، حيث قال رئيس لجنة الاستخبارات ديفين نونيس: “أظن أن العلاقات بين تركيا وأمريكا ستواجه مزيدًا من الصعوبات بالتوازي مع زيادة الجهود المبذولة في سبيل تطهير كل من سوريا والعراق من عناصر تنظيم داعش”.
ويشير محللون إلى أن هذه التصريحات بمثابة تعبير عن النظرة الرسمية للسلطات الأمريكية إلى الرئيس أردوغان والحكومة التركية، نظرًا لأن ديفين نونيس المنتمي إلى الحزب الجمهوري من أقوى حلفاء الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، ويتمتع بعلاقات وطيدة مع كل الأجهزة الاستخباراتية في البلاد.
وجاء هذا التأكيد الأمريكي على براءة ذمة حركة الخدمة من تهمة الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا منتصف العام الماضي بعد التصريحات الصادمة التي أدلى بها برونو كال؛ رئيس الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND)، وهي إحدى أهم الاستخبارات في العالم، لصحيفة بيلد الألمانية، والتي قال فيها: “إن الحكومة التركية سعت لإقناعنا بأن حركة غولن هي التي دبرت محاولة الانقلاب، لكنها فشلت في تقديم أي دليل مقنع في هذا الصدد. فضلاً عن ذلك فإن هذه الحركة لا تتبنى نهجًا إسلاميًّا راديكاليًّا، بل هي حركة مدينة دينية وتعليمية، ولا يمكن وصفها بالإرهابية. الواقع أن الرئيس أردوغان استخدم محاولة الانقلاب كذريعة لإطلاق موجة التطهير الشاملة في كل أجهزة الدولة. والمشهد الحالي في تركيا لا يختلف عن البلاد التي تشهد انقلابًا حقيقيًا”، التصريحات التي لاقت إقبالاً كبيرًا من الصحافة الألمانية والعالمية والعربية، وعلى رأسها مجلة “دير شبيغل” حيث اقتبست من تلك التصريحات وقدمتها لقراءها.
وتأتي كل هذه التصريحات تأكيدًا لما قالته التقارير الاستخباراتية البريطانية والأوروبية والأمريكية التي صدرت في وقت سابق من أن الرواية الرسمية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول الانقلاب لا تعكس الحقيقة، مشددة على أنه استعد لهذا الانقلاب قبل عام كامل، بدليل حركة التصفيات الشاملة التي أطلقها في صبيحة ليلة الانقلاب.
وسبق أن نشرت مجلة “فوكس” الألمانية الشهيرة، بعد أسبوع واحد من محاولة الانقلاب في 15 تموز / يوليو المنصرم، خبرًا تحت عنوان “السلطة.. الهذيان .. أردوغان”، وحصلت المجلة على جائزة بسبب هذا الخبر، وأفردت فيه مساحة كبيرة للتقرير الذي أعدته المخابرات البريطانية والذي يكشف أنها تابعت المكالمات الهاتفية والبريدية المشفرة لكبار مسؤولي الحكومة التركية منذ اللحظة الأولى لأحداث محاولة الانقلاب، ويظهر أنهم، أي المسؤولين الأتراك، يأمرون فيها المعنيين بتقديم الأستاذ فتح الله غولن كرقم أول يقف وراء هذه المحاولة، من أجل تنفيذ حملة تصفية شاملة ضد أفراد حركة الخدمة.
ثم جاء تقرير استخباراتي آخر أعده مركز الاستخبارات في الاتحاد الأوروبي في 24 أغسطس 2016، وكشفت عنه مجلة “التايمز” البريطانية في شهر يناير المنصرم، مؤكدًا ما توصلت إليه المخابرات البريطانية قبل نحو ثمانية أشهر، حيث أكد التقرير أن الرئيس أردوغان هو من دبر هذه المحاولة الانقلابية وصمّمها على الفشل، لكي يتمكن من الحصول على ذريعة لتصفية معارضيه، لافتًا إلى أن وقوف غولن وراء الانقلاب الفاشل، كما يزعم أردوغان، احتمال بعيد.
وأعقب ذلك التقريرُ الذي نشره موقع washingtonhatti.com وأكد فيه أن مصادر بارزة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أعلنت لموقع aldirmer.no أن قادة الحلف يؤمنون بأن أردوغان هو من دبّر انقلابا عليه، ليوظف ذلك في تصفية معارضيه.
كما أن مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) الأمريكية الشهيرة تناولت في عددها الأخير عبر مقال بعنوان “هل لا تزال تركيا ديمقراطية” أحداث الانقلاب والتطورات الأخيرة في تركيا، وأكدت أن الحكومة التركية عجزت عن تقديم أي نوع من البراهين لإثبات وقوف حركة الخدمة وراء محاولة الانقلاب، باستثناء نظريات المؤامرة التي يسوقها الرئيس أردوغان منذ اليوم الأول من الانقلاب، على حد تعبيرها.
وكانت السلطات الأمنية التركية نقلت عن بعض الجنود المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب انتماءهم إلى حركة الخدمة أثناء التحقيق معهم في مراكز الأمن تحت التعذيب، إلا أن المتهمين أعلنوا في أول مثول لهم أمام المحكمة قبل شهر انتسابهم إلى “التيار القومي الأتاتوركي” وأنهم لاعلاقة لهم مع حركة الخدمة، وأن رئيس الأركان خلوصي أكار كان رأس المجلس العسكري الانقلابي، وأنهم لم يفعلوا سوى تنفيذ الأوامر الصادرة من رئاسة هيئة الأركان العامة.
ومن اللافت أن الحكومة امتنعت حتى الآن عن إعلان تفاصيل نتائج التقرير الرسمي للجنة تقصي الحقائق بالبرلمان الخاصة بمحاولة الانقلاب بالرغم من مرور أكثر من 3 أشهر على انتهاء أعمال البحث والتقصي، مما فتح الأبواب أمام انتقادات عديدة تزعم أن التأخير هدفه تجنب التأثير سلبًا على عملية التصويت في الاستفتاء الشعبي المقرر في 16 أبريل/ نيسان.
وأعلن رشاد بيتاك نائب حزب العدالة والتنمية ورئيس لجنة التحقيق البرلمانية في محاولة الانقلاب في الأسبوع الماضي (12 مارس الحالي) أنهم فشلوا في الوصول إلى الذراع السياسي للانقلابيين، حيث قال: “لقد استمعنا إلى 141 شخصاً في إطار تحقيقاتنا ضمن لجنة التحقيق البرلمانية، واكتشفنا أن المجلس الانقلابي المسمى بـ”مجلس الصلح في الوطن” يتكون أعضاؤه من 38 شخصًا، لكننا لم نستطع إماطة اللثام عن الجناح السياسي للانقلابيين”، على حد زعمه.
ومع أن المعارضة أصرَّت على استدعاء رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار للاستماع لأقواله أمام لجنة تقصي الحقائق، إلا أن اللجنة رفضت تلك الطلبات واكتفت بإرسال حزمة من الأسئلة إليه في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2016. وبحسب مصادر داخل اللجنة، فإن اللجنة لا تزال في انتظار إجابات الأسئلة الموجهة لخلوصي أكار، الذي تبين أنه أجرى لقاء سريا مع رئيس المخابرات هاكان فيدان دام ست ساعات قبل يوم واحد من الانقلاب.

ليست هناك تعليقات