في لحظات البقاء بين الموت والحياة أنقذهم المقاتلون
الرّقة- كانوا على وشك الموت وأحيوا من جديد، بين حياتهم وموتهم ساعات قليلة إلا أن مقاتلي ومقاتلات قوات سوريا الديمقراطية وصلوا إليهم وحرروهم.
أثناء رصدنا ومتابعتنا لحملة تحرير مدينة الرقة توجهنا في صباح الأحد 18 حزيران لإحدى النقاط الأمامية لتمركز مقاتلي ومقاتلات قوات سوريا الديمقراطية غربي مدينة الرقة، لمتابعة تطورات حملة تحرير المدينة من مرتزقة داعش، وسير المعركة الضاربة هناك، دخلنا المدينة عن طريق حي السباهية الواقعة في الجهة الغربية، الذي حرره مقاتلو ومقاتلات قوات سوريا الديمقراطية في 8 حزيران، وبرفقتنا مقاتل من وحدات حماية الشعب ومقاتلة من وحدات حماية المرأة، توقفنا في نهاية الحي لحين فتح الطريق لنا من قبل قوات سوريا الديمقراطية لكي ندخل حي الرومانية الذي حررته القوات في 11 حزيران.
لم نتمكن التقدم إلى الأمام نظراً لوجود إحدى طائرات الاستطلاع التابعة لمرتزقة داعش التي كانت تلقي بالقنابل فوق المنطقة التي كُنا نتواجد ضمنها، وبعد انتظار قرابة ساعة ونصف تمكنا من التقدم والدخول لحي الرومانية برفقة المقاتلين، ولكن لم نتمكن من التقدم كثيراً نظراً لاندلاع المعارك في أحياء حطين والدرعية ولوجود القناصة فوق إحدى أسطح الأبنية العالية في حي الدرعية. في هذه اللحظة عادت مجموعة مؤلفة من 3 مقاتلين من الخطوط الأمامية، كان التعب واضحاً على وجوههم، لأنهم قاموا بعملية ضمن الأحياء الغربية منتصف الليل استمرت حتى ساعات الصباح.
بعد فترة زمنية ليست بطويلة، سمعنا أصوات رصاص وانفجار، لم يكن قصف طائرات التحالف، رجح المقاتلون بأنه لربما صوت ناجم عن انفجار إحدى الألغام التي زرعتها المرتزقة للمدنيين الذين يحاولون الوصول إلى نقاط المقاتلين، بعدها ورد نبأ من المقاتلين المرابطين في خطوط الجبهة الأمامية للمقاتلين الذين كنا بجانبهم، يفيد بأن المقاتلين كسروا إحدى دفاعات المرتزقة على مشارف حي الدرعية غربي مدينة الرقة، وبأنهم حرروا بعض المدنيين الذين كانوا محاصرين هناك.
وبعد قرابة 20 دقيقة لاحظنا اقتراب بعض المدنيين صوبنا رافعين أعلاماً بيضاء، كانوا 3 عوائل مؤلفة من 21 شخصاً معظمهم أطفال ونساء وبرفقتهم مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية. وفي هذه الأثناء توجه مقاتل يدعى “رشو” صوب المدنيين ليستلمهم من رفيقه القادم من الخطوط الأمامية، والذي يهتم بالمدنيين المحررين من الخطوط الأمامية إلى حين وصولهم لبر الأمان.
علامات التعب والإرهاق كانت واضحة عليهم، لأنهم ساروا مسافة طويلةً جداً، حفاظاً على حياتهم وعدم وقوعهم في فخ ألغام داعش، الأطفال كانوا يحملون علب الماء المقدمة لهم من قبل المقاتلين، النساء كانتِ تحملنْ بعض الأغطية وقليلاً من الأدوات المنزلية وألبسة.
ولدى وصولنا إليهم أوضحوا لنا بأنه كان بين حياتهم وموتهم ساعات قليلة وحررهم مقاتلو ومقاتلات قوات سوريا الديمقراطية. وبيّنوا إلى أن الأوضاع داخل المدينة سيئة جداً، لأن المرتزقة تقوم بمحاصرة المدنيين ضمن الأحياء، وتقوم بتلغيم الطرق المؤدية لخارجها

لم نستطع البقاء طويلاً مع المدنيين الذين تم تحريرهم، لأن المقاتلين الذين كانوا يرصدون تحركات المرتزقة أبلغونا بوجود طائرة استطلاع تابعة لداعش في المنطقة. وفي هذه الأثناء طالب رشو من المدنيين بالسير خلفه وعدم التوقف والسير على حواف الطريق لأنها قد تكون ملغومة، وكانت كلماته بمثابة ارشادات للمدنيين لكي لا يكونوا ضحية ألغام وقنابل طائرات الاستطلاع التابعة لداعش.
أثناء مسيرتنا مع المدنيين صوب حي السباهية، كان رشو يقول لهم “نحن أخوتكم قدمنا إلى هنا لتحريريكم من داعش، لذا تقيدوا بالتعليمات لكي نتمكن من الوصول إلى المناطق الآمنة”. واستفسر الأهالي حول ما إذا أن المنطقة التي يتوجهون إليها آمنة أم لا، وأرادوا الوصول إلى قرية حاوي الهوى، ورد رشو بأنه سيوصلهم إلى المناطق الآمنة والتي يرغبون الذهاب إليها.
بعد مسيرنا برفقة رشو والمدنيين، ورد نبأ عبر اللاسلكي بوجود طائرات استطلاع تابعة لمرتزقة داعش فوق سماء تلك المنطقة، على الفور قام رشو بإبلاغ المدنيين بالتحرك بشكل أسرع. وبعد فترة قرابة ربع ساعة وصل نبأ آخر بأن الطائرة قد غادرت المنطقة، وسار رشو بالمدنيين إلى آخر نقطة في حي السباهية وتوجه بعدها المدنيون إلى المخيم القريب من مدينة الرقة ووصلوا بذلك إلى المناطق الآمنة.
وفي النهاية لم نتمكن من الوصول إلى نقاط تمركز مقاتلي ومقاتلات قوات سوريا الديمقراطية لحدّة الاشتباكات في حي الدرعية وتواجد القناصة في الأبنية العالية في الحي.
ليست هناك تعليقات